المباني المتصدّعة في طرابلس: مشروع كارثة يومية!
“كتب مايز عبيد في نداء الوطن”:
لا تزال محلة الزاهرية في مدينة طرابلس تلملم مخاوفها بعد حادثة انهيار جزء من أحد مبانيها مساء الإثنين الماضي، في منطقة شعبية مكتظّة بالسكان.ومع أنّ المبنى غير مأهول، إلّا أنّ المخاوف من تكرار الحادثة تركت في نفوس الأهالي الكثير من الذعر والإرباك، خصوصاً الذين يسكنون في المناطق الشعبية والمباني القديمة، وتتجدّد مخاوفهم عند السماع بحدوث زلزال أو اقتراب فصل الشتاء والرعد والأمطار.وتعتبر أزمة المباني الآيلة للسقوط في مدينة طرابلس ملفاً مفتوحاً وجرحاً نازفاً باستمرار في جسم المدينة. ولم ينسَ الطرابلسيون بعد مأساة انهيار سقف مدرسة في جبل محسن، وكذلك انهيار مبنى في ضهر المغر، وقبلها انهيار مبنى في الميناء، وكلّها مآسٍ لا تفصل بينها إلا أشهر معدودة، وقد خلّفت ضحايا بلا ذنب.والمبنى الذي انهار في الزاهرية يعيد إلى الواجهة مشكلة مئات، بل آلاف الأبنية المتصدّعة والآيلة للسقوط، وهي كثيرة في طرابلس. ومع أن سقوطه كان متوقّعاً كونه متداعياً وهناك عوائق أسمنتية تحذيرية ولافتات في نطاقه تشير إلى خطر انهياره، إلّا أنّ الحادثة كافية لتزرع الخوف في النفوس، خصوصاً أنّ المبنى يعود إلى ثلاثينات القرن الماضي، وهناك الكثير من المباني التي تعود الى الثلاثينات والأربعينات وجميعها ذات أوضاع سيئة تجعلها غير قابلة للسكن ومعرّضة للانهيار. ووفقاً لمسح أجرته بلدية طرابلس بالتعاون مع المديرية العامة للآثار عام 2017، أُعلن وجود أكثر من 300 مبنى مهدّد بالانهيار، بين مبانٍ مملوكية قديمة ذات طابع تراثي، ومبانٍ أحدث تأثّرت بالعوامل الطبيعية والفوضى الحاصلة والحرب، تصدّعت أساساتها وتهالكت أسقفها وجدرانها، في وقت أشارت تقديرات البلدية عقب الزلزال الذي ضرب تركيا وشمال سوريا في شباط الماضي، إلى وجود قرابة 700 مبنى معرّض للانهيار بسبب التصدّعات في أنحاء مدينة طرابلس.وفيما تشير مصادر مطلعة إلى أنّ أرقام بلدية طرابلس غير دقيقة والأعداد أكثر من ذلك، يتحدّث البعض عن إهمال حقيقي من بلدية طرابلس التي تكتفي بتعداد المباني وتحذير الأهالي من خطورتها وتطلب من الفقراء ضرورة إخلائها، علماً أنّ هؤلاء لو كانت لديهم القدرة لما سكنوا في هذه المباني المتصدّعة وعرّضوا أنفسهم للأخطار.إنتقادات كثيرة طالت البلدية التي على حدّ قولهم «لأول مرة بتعمل شي منيح وبتطلب من السكان إخلاء المبنى». هذا الانتقاد يردّ عليه مصدر في بلدية طرابلس، ويؤكد لـ»نداء الوطن» أنّ «لوم البلدية في هذا المجال فيه كثير من التجنّي، فدور البلدية لا يتعدّى أكثر من الكشف عن هذه المباني الآيلة للسقوط عبر مصلحة الهندسة وإعطاء الإذن بهدمها أو ترميمها، ولكن على نفقة المالك وليس على نفقة البلدية التي صارت أموالها عبارة عن ورق لا يساوي شيئاً بعد الانهيار الاقتصادي في البلد».وبحسب المصدر عينه، فإنّ هذه المباني تحتاج إلى خطة طوارئ تضعها الحكومة اللبنانية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه أو هدم ما يحتاج إلى الهدم، مع ضرورة تأمين إيواء آخر للأهالي، وهذه كلّها متطلبات لا قدرة للبلدية عليها وليست من اختصاصها.