“الحزب” يستنفر لتفادي مزيد من الاغتيالات
كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:
يتكتم «حزب الله» في مقاربة عمليات الاغتيال التي تطال عناصره وقيادييه، وينكب على تحقيقات داخلية مكثفة لتبيان عناصر الخلل ومعالجتها، لتفادي مزيد من هذه العمليات التي تكثفت في الآونة الأخيرة.
فبعد نجاح تل أبيب في اغتيال نجل النائب عن الحزب محمد رعد و4 آخرين من عناصر وحدة «الرضوان» في تشرين الثاني الماضي، وجهت إسرائيل ضربة مزدوجة لـ«حماس» والحزب باغتيالها القيادي في «حماس» صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية في بيروت، معقل «حزب الله»، في 2 كانون الثاني الحالي، بإطلاق صواريخ على شقة كان يجتمع فيها مع قادة ميدانيين في «كتائب القسّام».
وبعد أيام معدودة، وبالتحديد في الثامن من الشهر الجاري، تمكنت تل أبيب من اغتيال القائد في «الرضوان» وسام الطويل، وهو في طريق العودة إلى منزله في إحدى قرى الجنوب. وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إن الاغتيال تم بـ«عملية دقيقة من خلال وضع عبوة ناسفة قرب بيته»، إلا أن الحزب لم يؤكد أو ينفِ هذه المعلومات.
وترفض مصادر قريبة من «حزب الله» الحديث عن عمليات اغتيال مكثفة لقادة في الحزب، جازمة بأن القائد الوحيد الذي اغتيل هو الطويل، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بمقابل من يستشهدون في لبنان من عناصر الحزب والذين يتم الإعلان بفخر عنهم وتشييعهم بشكل لائق، هناك أعداد كبيرة من الجنود والضباط الإسرائيليين الذين يقتلون، إلا أن تل أبيب تتكتم عن إعلان أعدادهم، كما يتم دفنهم بعيداً عن الأضواء».
ولا تنفي المصادر أنه «يتم التدقيق بالخروقات التي تؤدي إلى تمكن إسرائيل من اغتيال أشخاص معينين في الحزب، وذلك لتفادي مزيد من العمليات»، معتبرة أن ربط الموضوع بعملاء حصراً فيه الكثير من التبسيط، باعتبار أن هناك تكنولوجيا متطورة يتم استخدامها، كما أن هناك تعاوناً استخباراتياً أميركياً – إسرائيلياً وبريطانياً – إسرائيلياً يساعد العدو في تحديد أهدافه واغتيالهم.
يتحدث الخبير العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد الياس حنا عن «مجموعة من العوامل تؤدي إلى تمكن إسرائيل من تحديد مواقع عناصر وقياديي حزب الله لاغتيالهم، وأبرزها تحركهم في منطقة محدودة جداً في جنوب البلاد، حيث تجري العمليات العسكرية، كما أنه وبعد قتالهم بشكل علني في سوريا، فقد باتوا معروفين إلى حد كبير»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التكنولوجيا المتطورة والمراقبة الدورية وعمليات التنصت، كما التعاون الاستخباراتي، إضافة بالطبع لشبكة عملاء على الأرض، كلها تساعد إسرائيل في عمليات الاغتيال».
ويشير حنا إلى أن «العنصر الأبرز الذي سهّل عملية اغتيال الطويل كان إهمال الأمن العملاني، عندما قرر الذهاب إلى منزله»، مضيفاً: «ان الكشف أن اغتياله تم عبر عبوة ناسفة يرجح فرضية أن شخصاً من البيئة التي ينتمي إليها هو من زرع هذه العبوة، وإن كان هناك وحدة خاصة إسرائيلية تنشط لا شك في تنفيذ عمليات كهذه».
ويرى حنا أن على «الحزب أن يقوم بعملية إعادة تنظيم بعد هذه الخروق، وأن يُجري تحقيقات موسعة مع كل الأفراد الذين كانوا يحيطون بالطويل، وأن يترافق كل ذلك من حيطة عملانية واتخاذ تدابير مشددة في موضوع التنقل».
بالتوازي مع التحقيقات التي يجريها الحزب لكشف عملاء في صفوفه وفي بيئته، تقوم الأجهزة الأمنية اللبنانية المختصة بعمل مماثل، خصوصا أنها نجحت في السنوات الماضية في تحقيق الكثير من الإنجازات في إطار القبض على مجموعات تتعامل مع إسرائيل. ويقول مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»: «هناك عمل يحصل بعيداً عن الأضواء؛ لأنه لا شك في أن هناك خرقاً كبيراً حصل، سواءً من خلال العملاء أو من خلال التكنولوجيا المستخدمة. وحين يرى المعنيون الوقت مناسباً، سيتم الإعلان عن أي توقيفات تحصل في هذا المجال».