هل ستؤثّر مشاركة “القوات” في جلسة الغد على موقعها المسيحي؟
قبل أن تقرّر كتلة “الجمهورية القوية” المشاركة في الجلسة التشريعية، التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري غدًا الخميس كان عليها أن تدرس كل الاحتمالات المتوقعة، والتي يمكن أن تنتج عن هذه المشاركة، التي أتت تحت عنوان “الضرورات تبيح المحظورات”، وذلك بعيدًا عمّا يمكن أن يستغّله رئيس “التيار الوطني” النائب جبران باسيل في السياسة لجهة تصويبه على ما يعتبره “الاستنسابية” في خيارات “القوات اللبنانية”، وهو بدأ بحملته هذه حتى قبل أن تقرّر “معراب” المشاركة في هذه الجلسة المدرج على جدول أعمالها التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون.
وربما توسيع مبدأية التمديد لتشمل جميع الذين أقترب موعد تسريحهم من الخدمة من مختلف الرتب وفي كل القطاعات العسكرية، وذلك لتلافي إمكانية الطعن أمام المجلس الدستوري، إذ يعتقد كثيرون من الخبراء الدستوريين أن شمولية التمديد من شأنها أن تضفي على قانون التمديد مشروعية أكثر مما لو كان قانون التمديد مفصلًا على قياس شخص دون غيره، بغض النظر عن سابقتين حصلتا في ظل الوصاية السورية عندما تم التمديد ثلاث سنوات لكل من الرئيسين الياس الهراوي وأميل لحود.
فـ “القوات” التي قرّرت المشاركة تعرف تمام المعرفة أن باسيل سيحاول استغلالها بكل ما أوتي من قوة ومن حجج لشنّ حملة غير مسبوقة في الشارع المسيحي. وعلى رغم ذلك اتخذت القرار، الذي ترى فيه مصلحة وطنية تفوق بأهميتها ما يمكن أن يسّوقه رئيس “التيار الوطني”، خصوصًا أنها تتوقع ألا يكون لهذه الحملة الصدى الذي ترغب فيه “ميرنا الشالوحي”، وذلك لأسباب كثيرة، ومن بينها:
أولًا، أن صدقية باسيل أصبحت مهزوزة نتيجة السياسات الخاطئة، التي سبق أن اتخذها في أكثر من محطة، وبالأخصّ عندما كان “الآمر والناهي” في عهد عمّه الرئيس السابق ميشال عون. ويؤخذ عليه مسيحيًا أنه رهن قرار تياره إلى “حزب الله” قبل أن تكشف “حارة حريك” ما كان يحاول أن يكسبه سياسيًا على “ظهرها”. وما أن جاءت حسابات حقله متناقضة مع حسابات بيدر “حزب الله” في ما خصّ الاستحقاق الرئاسي حتى انقلب عليه.
ثانيًا، أن المؤسسة العسكرية، التي كانت الأساس في التركيبة المعنوية لـ “التيار العوني”، لا تزال تحظى مسيحيًا ووطنيًا بثقة غير محدودة، خصوصًا أن معظم اللبنانيين لا يزالون يؤمنون بأن الجيش هو الملاذ الأخير لهم، وهو الوحيد القادر على حمايتهم وصون أمنهم واستقرارهم، ويعتبرون أن المساس بهرميته في هذا التوقيت بالذات هو بمثابة دق أسفين في هذا الهيكل، الذي لا يزال صامدًا في وجه أعتى الرياح والعواصف.
ولذلك، فإن قرار “القوات” كما ترى مصادر متابعة لم يأتِ من عبث، ولم يكن قرارًا اعتباطيًا أو عاطفيًا، بقدر ما يصبّ في خانة الحفاظ على وحدة المؤسسة العسكرية في هذا الظرف الدقيق والعصيب، الذي تمرّ به، إضافة إلى الظروف الأمنية غير الطبيعية، التي تعيشها البلاد في ضوء التهديدات الإسرائيلية المتواصل بضرب لبنان إن لم يستطع اللبنانيون إقناع “حزب الله” بالانسحاب من خطوط التماس المتقدمة على طول الخط الأزرق.في المقابل ترى أوساط الذين لا يزالون يراهنون على عدم تمرير التمديد للعماد عون في جلسة الخميس، أن ثمة “صفقة” قد تمت بين “عين التينة” و”معراب”، وهي كفيلة بإعادة المياه بين هاتين المرجعيتين إلى مجاريها الطبيعية.
أمّا ما حاولت “القوات” تمريره في الوقت الضائع والغمز من قناة رئيس الحكومة فتعتبرها مصادر حكومية محاولة غير موفقة لتبرير مشاركتها في الجلسة التشريعية، التي كانت ترفضها في المبدأ، وهي بتصويب سهامها على الحكومة انما تقع في خطأ من سبقها.