أزمة الجيش… الإنفجار ما زال قائماً!
الأنظار السياسية تتّجه إلى ساحة النجمة اليوم، لترقّب ما إذا كان ثمة توافقاً يتيح لهيئة مكتب المجلس الإنعقاد لوضع جدول أعمال جلسة تشريعية. وهنا، ثمة من يستعيد مشهد سقوط انعقاد جلستين خلال الشتاء الماضي كانتا ستسمحان بالتمديد للمدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.
نظرياً، تحوّل اجتماع هيئة المكتب اليوم إلى البوصلة التي ستشير إلى إمكانية التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون. لذا، يصبح مصير الجلسة مرهوناً بما سيقرّره أعضاء “الهيئة” في هذا البند تحديداً. ويدور الحديث عن أن الأجواء إيجابية، وأن رئيس مجلس النواب نبيه بري، في طريقه للدعوة إلى جلسة عامة تعقد قبل يوم الجمعة القادم.
مع ذلك، ثمة من يدعو “للإستهلال” صبيحة اليوم “الإثنين”. فإن انعقدت “الهيئة”، فذلك يعني نوعاً من التوافق على التمديد لقائد الجيش، وبالتالي تصبح الجلسة قائمة، وفي حال لم يحصل، فذلك يحسم أن “الطبخة” لم تنضج.
عملياً، ما زال الرهان قائماً على إمكان اتخاذ الحكومة موقفاً حاسماً من القضية. لذلك، حُجز لها دور إحتياطي وسط عدم اليقين في الوصول إلى تمديدٍ لقائد الجيش، حتى ولو تمّ تحديد جلسة تشريعية، وقد يصبح انعقادها ضرورياً في حال ساءت الأمور في ساحة النجمة، ما يدفعها إلى مقدمة المشهد من جديد.
يقودنا الحديث إلى بازار مفتوح قد يتحوّل إلى مواجهة في الجلسة، خصوصاً إذا ما قرّر نواب “التيار الوطني الحر” الحضور رداً على قرارٍ مماثل لنوّاب “حزب الله”. ويجري حديث أن نواب “تكتل لبنان القوي” قد يجيدون فرصة لتوسيع مواجهتهم التمديد على الهواء مباشرةً خلال الجلسة، فيما بعضهم يستنسب “فضح” ما يسميه “تجاوزات” في جلسة تُنقل على الهواء مباشرةً فيها قدر عالٍ من الشعبوية.
في المقابل، يسري حديثٌ فحواه أن النصاب النيابي لانعقاد الجلسة (65 نائباً) مؤمّن، حيث سيشارك كل من نواب حركة “أمل”، الحزب التقدمي الإشتراكي، “القوات اللبنانية”، “المردة”، ونواب “كتلة الإعتدال”، بالإضافة إلى نواب “حزب الله” وآخرين مستقلين، رغم أن الحزب، لم يبلغ قراره بعد بالحضور من عدمه، لسببين طبيعيين، الأول يتصل بعدم التفاهم على بنود الجلسة، وبالتالي، هو ينتظر انعقاد “هيئة المكتب” حتى يقرّر، والثانية ترتبط بحساسيته تجاه أي موقف سيتّخذه “التيار”، لا سيّما وأن الحزب يحسب بشكلٍ مختلف في غمرة انخراطه في معركة حقيقية في الجنوب.
الآن ثمة فرضية مطروحة، لنفترض أننا وصلنا إلى الجلسة العامة، وساد خلاف حول طبيعة أو شكل التمديد، هل يشمل قائد الجيش منفرداً، أو يجمعه مع آخرين، وهل يتصل فقط بتعديل قانون الدفاع لجهة رفع سن تقاعد “العماد”، أم نحن أمام زيادة سنوات الخدمة لسائر الضباط؟ الأمر سيّان. لذلك تمّ إبقاء الحكومة هنا على مقاعد الإحتياط، مع احتمال قائم في تبنّيها دوراً ما في حال “فرط” الحل المنشود في مجلس النواب.
في هذه الحالة، لا يمكن إلاّ اعتبار الحكومة حلاً أخيراً ووحيداً للأزمة قبل انفجارها صبيحة العاشر من كانون الثاني. ومن وجهة نظر البعض، سترفّع الحكومة إلى “شاهد ملك” سيكون في يده سلطة القرار النهائي “الملزم للجميع” حتى لا تتحوّل المؤسّسة العسكرية إلى سلكٍ تحكمه الفوضى!
في هذه الأثناء، ثمة من “نبش” اجتهاداً قانونياً مصدره الوزير السابق ناجي البستاني، يجيز للحكومة الإنعقاد في حالة فراغ القيادة في المؤسسة، ومناقشة وضعها، مع احتمالٍ يتيح لها تسمية “من تراه مناسباً” لتسيير شؤون الجيش من الضباط المجازين كأركان، من دون التقيد في مسألة الأقدمية.
لكن، وعلى أهمية ذلك، قد يكون تطابقٌ في مسألة واحدة مرتبطة بعودة الدور إلى الحكومة، لكن من خلفية تعيين قائد جديد وليس مناقشة من له الحق في تسيير شؤون الجيش، ريثما يتمّ التعيين.
الوصول إلى هذه الوضعية لن يكون قبل منتصف ليل الثلاثاء في العاشر من كانون الثاني المقبل، وسيأتي مبنياًّ على حركة وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، الذي لا بدّ له في حالة الفراغ، إلاّ مراسلة المجلس العسكري والطلب إليه تكليف أحد أعضائه تسيير شؤون المؤسسة، ليصبح انعقاد الحكومة ملزماً للجميع حرصاً على الجيش.
بناءً عليه، ثمة من يعتبر أن كل ما يجري اليوم من مهاترات، يخدم فكرةً واحدة: تصفية التمديد للقائد بوسائل قانونية وترفيع فكرة تعيين قائد جديد للجيش.
في المقابل، ومن باب تعدّد النظريات، ولو افترضنا أن المجلس “حسم” في هيئته العامة موضوع التمديد، يبقى كيفية إسقاط الإتفاق على وزير الدفاع، الرافض العبور لأي خيار مماثل في شكلٍ يتجاوز قراره من جهة، ولكيفيه استيعاب “التيار” من أي هجمة مرتدة من جهة أخرى.
ومن حيث إبداء “التيار” رغبته في المواجهة، جرى تعميم “فكرة” سبق لـ”ليبانون ديبايت” أن طرحها في مقال سابق، تتمثل في التفاف وزير الدفاع على أي تمديد أو تأجيل تسريح يخصّ جوزاف عون، بعدم الإعتراف به، والتوجه برسالة إلى المجلس العسكري يطلب فيها تكليف أحد أعضائه تسيير شؤون الجيش خلال فترة الفراغ، فنصبح في هذه الحالة أمام قائدين للجيش.
هل يمضي الوزير ومن خلفه “التيار” صوب الإنتقال من اللعب على حافة الهاوية إلى الهاوية نفسها؟ وكيف سيكون موقف الآخرين؟
إحتمال لجوء الوزير إلى هذه الفرضية يبقى قائماً، بالإستناد إلى التجربة السابقة، زمن إحالة المفتش العام اللواء ميلاد إسحاق إلى التقاعد.
حينها رفض وزير الدفاع توقيع تأجيل تسريحه المرفوع من قيادة الجيش، فبادر “القائد” إلى تكليف العميد جرجس ملحم أعمال المفتشية العامة، ليردّ عليه سليم بتكليف العميد ملحم الحداد المنصب نفسه، سرعان ما تحوّل هذا الأخير إلى محور ثأر القائد بحرمانه حتى من “بونات” البنزين، ليتمد النزاع ويشمل الوزير شخصياً.