ميقاتي الى جنيف حاملا ملف النازحين السوريين

في الوقت الذي يستمر فيه بعض الاطراف بإستغلال قضية النازحين السوريين للكسب الشعبي ورفع مطالب شعبوية وعنصرية تصل الى حد فتح الشواطئ اللبنانية امام قوارب الموت من اجل التخلص من النازحين، تعمل الحكومة اللبنانية بواقعية كبيرة مع هذه الازمة التي يستلزم حلها مسارات سياسية وديبلوماسية واضحة وامكانات مالية ولوجستية لا يمتلكها لبنان ولا حتى سوريا البلد الذي ينزح منه الالاف نحو الاراضي اللبنانية.

وبحسب مصادر مطلعة فإن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يسافر اليوم الى جنيف للمشاركة في المؤتمر العالمي للنارحين، سيكون له موقف حازم خلال كلمته لاظهار حجم الضغوط الاقتصادية التي يتعرض لها لبنان جراء اعداد النازحين الكبير الموجود لديه، وهذا الامر سيعني ان الحكومة تضع المسؤولية امام الدول الغربية التي يجب عليها المساهمة في وضع حد للتردي الكبير في اوضاع البلدان في شرق المتوسط.

وترى المصادر ان الحراك الحكومي لحل ازمة النازحين لا يطال فقط حديث ميقاتي ولقاءاته المتوقعة في جنيف والتي ستشكل عاملا ضاغطا على كل الدول الخائفة من انفجار الازمة وانتقال تردداتها الى الدول الاوروبية غير القادرة على استيعاب موجات نزوح اخرى في ظل الاعداد الهائلة التي تصل اليها من افريقيا، لا بل ان الحكومة تعمل بشكل لافت على ضبط عمل الجمعيات في لبنان والتي تسهل بقاء النازحين على الاراضي اللبنانية.

وترى المصادر ان التواصل الرسمي مع سوريا يحصل بطريقة مضبوطة، خصوصا ان الحل لا يبدو عند دمشق غير القادرة على اعادة النازحين او استيعابهم الا في حال حصولها على تسهيلات مالية واقتصادية، لذا فإن الدولة في لبنان تدرك حجم المشكلة التي يهرب منها الجميع ويسعون الى تجنب ارتداداتها، لكنها تعمل وفق مسار واضح يساهم في جعل لبنان اكثر قدرة على تحمل تبعات الازمة ويفتح ابواب الحلول الجذرية من دون اي خلافات مع الدول الاخرى.

لا يمكن للحكومة اللبنانية التعامل مع ملف النزوح بمنطق العصور الوسطى، اذ ان الخطاب العالي السقف الذي يدعو الى حلول سريعة، يشبه الى حد كبير عملية تطهير عرقي قد يؤدي إلى تفلت امني لا يمكن ضبطه، اذ لم يكتفِ أصحاب هذا الخطاب بالدعوات ضد النازحين بل وصل هجومهم الى الجيش لاسباب سياسية وحملوه مسؤولية عدم ترك قوارب الموت ترحل الى عرض البحر، في تخلي علني عن مسؤولية ضبط الامن وعمل المؤسسات.

لا شك بأن ملف النزوح بالغ الخطورة لكن حله لا يتم بالخطابات الشعبوية والحلول المعلبة، خصوصا ان من طرح كل هذه الحلول كان في السلطة لسنوات طويلة في اثناء استفحال هذه الازمة ولم يقم بأي خطوة، حتى انه لم يقم بزيارة سوريا للبحث في حلول مناسبة ويومها لم تكن سوريا تتعرض لمثل الازمة المعيشية الحالية وكان من الممكن الوصول معها الى حل مقبول، وعليه فإن النشاط الحكومي الذي يبقي ازمات لبنان على طاولة الدول الاقليمية والدولية ويمارس ضغطا حقيقيا عليهم، هو المدخل الحقيقي للبدء بمسار يخفف حدة ومخاطر الازمة على لبنان.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى