في الأعياد إحذروا “جدري القرود”
كتبت جنى جبور في “نداء الوطن”: آخر ما كان ينقصنا في لبنان بعد، هو وصول “جدري القرود” إلى أراضينا مع اقتراب موسم الأعياد وارتفاع حركة السفر والتجمعات الاجتماعية. الحديث عن انتشار هذا الفيروس، ليس بجديد ولكن تسجيل إصابات بسلالة جديدة، قيل إنها اكثر خطورة، في أكثر من دولة حول العالم، دفع منظمة الصحة العالمية للتأكيد أنّ تفشيه لا يزال يشكل حالة طوارئ صحية عامة. فما وضعنا في لبنان؟
أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية “جدري القرود” (المعروف سابقاً بجدري القردة) على أنه حالة طوارئ صحية عامة تثير القلق الدولي مرتين؛ الأولى في شباط 2022 والثانية في آب 2024، فلماذا هذا الاستنفار؟ تجيب الاختصاصية في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتور جومانا كميد قائلةً: “شهد العالم في السنوات الأخيرة تفشياً واسع النطاق لمرض “جدري القرود”، حيث انتشر الفيروس بشكل متسارع متجاوزاً حدود المناطق التي كان يعتبر مستوطناً فيها. على الرغم من أن أول اكتشاف له كان عام 1958 في مستعمرات القردة، ومن ثم بين البشر عام 1970، إلّا أنه كان يقتصر بشكل رئيسي على مناطق وسط وغرب أفريقيا مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، جمهورية الكونغو، ونيجيريا. إلا أنّ ظهور حالات جديدة خارج هذه المناطق يشير إلى تغير في أنماط انتشاره”.
في التفاصيل، بدأت شرارة هذا التفشي عام 2022، حيث تم تسجيل زيادة حادة في حالات الإصابة والوفيات المرتبطة بـ “جدري القرود” في مخيمات اللاجئين بجمهورية السودان، ثم انتقل الوباء إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث ظهرت سلالة جديدة وخطيرة سرّعت وتيرة تفشي الوباء على مستوى العالم وتحديداً إلى أكثر من 120 دولة، ما أثار قلق المنظمات الصحية العالمية. مع الاشارة الى وجود نوعين رئيسيين لهذا الفيروس؛ الأول ينقسم إلى نوعين فرعيين Ia و Ib، والثاني أيضاً: IIa و IIb.. وتقول د. كميد: “سجلت منظمة الصحة العالمية أكثر من 100 ألف حالة مؤكدة مخبرياً وأكثر من 220 وفاة مرتبطة بهذا الفيروس. وأمام هذا التهديد الصحي العالمي، أعلنت المنظمة في 14 آب 2024 حالة طوارئ صحية عامة، داعيةً جميع الدول الأعضاء إلى بذل جهود مشتركة للسيطرة على هذا الوباء وتقديم الرعاية الصحية اللازمة للمصابين. وحتى 31 تشرين الأول 2024، تم الإبلاغ عن إجمالي 115 ألف حالة مؤكدة مخبرياً بما في ذلك 255 حالة وفاة”.
إجراءات خاصة على المعابر؟
هذا على الصعيد العالمي، أمّا في لبنان، فيتزايد القلق من احتمال انتقال الفيروس إلى البلاد، مع اقتراب موسم الأعياد وزيادة حركة السفر، خصوصاً في ظل الروابط الوثيقة مع القارة الأفريقية، المركز الأساسي لانتشار الفيروس، فما هي الإجراءات المتبعة في هذا السياق؟ تجيب د. كميد: “إن وزارة الصحة العامة تتابع عن كثب كل جديد مرتبط بالمرض وذلك بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية واللجان العلمية، وتؤكد الوزارة على أنه لم تسجل أي حالة جديدة بالمرض في لبنان منذ شهر آذار الماضي. وهي تعمل على تعزيز نظام الرصد من خلال الكشف المبكر عن الحالات وتشخيصها بالسرعة الممكنة”. أمّا في ما يخص فرض إجراءات وقائية في مطار بيروت الدولي فتشير الى أنه ليس هناك توصيات من قبل منظمة الصحة العالمية حتى الآن لاعتماد إجراءات خاصة على المعابر الحدودية.
توعية عامة
إذاً، لا داعي للهلع أبداً، ولا سيما أنّ الفيروس يمكن السيطرة عليه باتباع بعض الإرشادات الصحية وتعزيز النظافة الشخصية والالتزام بالإجراءات الوقائية. إلّا أنّ التوعية في هذا الاطار أساسية جدّاً، وتشرح د. كميد أنّ الفيروس ينتشر بالاحتكاك الحميم أو المباشر (التقبيل والاتصال الجنسي)، أو عن طريق لمس الطفح الجلدي على جسم المصاب أو افرازاته المتمثلة باللعاب، أو عبر السعال من مسافة قريبة جدّاً ومن خلال ملامسة مواد ملوثة. كما يمكن للحامل أن تنقل المرض إلى جنينها أو حتّى خلال الولادة أو بعدها. أمّا العوارض فتتمثل في ارتفاع الحرارة، ألم في الرأس، تعب، التهاب الحلق، آلام العضلات، ألم على مستوى الرجلين والظهر، طفح جلدي على شكل فقاعات أو حبوب فيها ماء ودرن في مختلف الجسم.
ويمكن رصد هذا الفيروس من خلال فحص PCR مخصص لافرازات الطفح الجلدي واللعاب. معظم الحالات يشفى فيها المصاب من تلقاء نفسه، ولكن الوضع أكثر جدّية بالنسبة لأصحاب المناعة الضعيفة، الأكثر عرضة للمضاعفات المختلفة وحتّى الموت. في حال تم تشخيص الفيروس، على المصاب الالتزام بالحجر، كذلك كل من يحتك به مباشرةً حتّى مع غياب العوارض، ولا سيما أنّ فترة حضانته تمتد من 5 الى 21 يوماً، مع تقييمه طبياً يومياً لرصد أي عوارض محتملة وحجره في حال تأكيد إصابته. مع التذكير بأهمية غسل اليدين بشكل متكرر خصوصاً قبل أو بعد لمس القروح الجلدية. كما يجب تغطية الآفات الجلدية وارتداء كمامة محكمة في حال الاختلاط مع الآخرين. ويبقى الشخص المصاب معدياً حتى تلتئم جميع القروح الناتجة عن الطفح الجلدي وتتشكل طبقة جديدة من الجلد. وفي حال ظهرت على الشخص المسافر عوارض المرض بعد فترة تتراوح بين يوم وثلاثة أسابيع من عودته، ينبغي عليه استشارة الطبيب فوراً وإبلاغه عن تاريخ سفره ووجهته.