كارثة تنذر بالأسوأ.. شوارع لبنان مأوى للجرذان..
يشهد لبنان منذ سنوات طويلة ازمة نفايات خانقة، اذ انها تتكدس في الشوارع بين الفينة والأخرى لأسباب تمويلية تارة وسياسية طورا آخرا. وهذا التراكم يؤثر سلبا في جودة الحياة اليومية للمواطنين، نتيجة تكومها في المساحات الواسعة الخضراء والأراضي البيضاء. وتشكل هذه المشكلة تحدياً كبيراً يتطلب حلاً عاجلاً قبل أن تصل إلى نقطة لا عودة فيها.
وفوق ذلك، أصبحت هذه المسألة أكثر من مجرد تحدٍ بيئي، بل تهديدا يلوح في الأفق لصحة الإنسان. لذلك على الجهات المعنية اتخاذ إجراءات عمليّة لحل هذه العقدة المستعصية، والعمل على توعية الناس بأهمية التخلص من الفضلات بطرق صحيحة، للحفاظ على محيط نظيف وخالٍ من التلطّخات، وبخاصة ان هذه الجائحة تتعاظم دائما بالتزامن مع بداية فصل صيف.
كارثة تنذر بالأسوأ!
وفي هذا المجال، أكدت مصادر ان “قضية النفايات واحدة من أبرز القضايا المعقّدة التي تواجه البلد، حيث يتم رمي المخلفات بشكل عشوائي في الشوارع والأماكن العامة. وتشمل القمامة المواد العضوية مثل الفضلات الغذائية والنباتية، وتعتبر من أكبر مصادر التدنيس البيئي وتسبب إشكالات صحية خطرة. اما تلك غير العضوية فتضم البلاستيك والزجاج والورق والمعادن، وتحتاج إلى إعادة تدوير وتصنيع للحد من فاعليتها”.
التنكيش معضلة المعضلات!
وأوضح المصدر “ان لبنان عموما والعاصمة خصوصا تعاني من ظاهرة نبش النفايات من قبل مافيات بيع البلاستيك، حيث يتم جمع هذه المواد بشكل غير قانوني أو مراقب، مما يؤدي إلى تراكمها العشوائي وتصاعد الضرر نتيجة التنجّس البيئي. وبالتالي يزداد تكاثر الحشرات المؤذية مثل الذباب والصراصير والبعوض، مما يضاعف من مخاطر انتشار الأمراض ويؤثر في صحة الناس. لذلك، يجب إيجاد حل شامل يتضمن تحسين إدارة النفايات، وتعزيز ثقافة إعادة التدوير، ومكافحة التنكيش والتجاوزات البيئية”.
الجرذان تغزو الشوارع!
وأشار المصدر الى “انتشار الجرذان في شوارع بيروت والعديد من المناطق الكسروانية ومنها ذوق مكايل بعد الحصول على العديد من الشكاوى من اهالي المنطقة، معتبرا “ان هذه الظاهرة ناتجة من تجمهر النفايات وعدم إزالتها بشكل منتظم، بما في ذلك انسداد المجاري الصحية، وعدم رش المواد الكيميائية الطبية باستمرار. كما ان تفاقمها في محيط المنازل أو الأماكن العامة، يجعل هذه المناطق موطنا جيدا لتكاثر الحشرات، حيث توفر لها الأماكن المظلمة والمأوى والطعام. وهذا يضاعف من امكانية نقل الأمراض والتسبب بالاذى للبنية التحتية والبيئة”.
الصحة العامة على المحك!
بالموازاة، أكد مصدر طبي في مستشفى الكرنتينا لـ “الديار” ان “النفايات المتراكمة بيئة خصبة لتكاثر البكتيريا والفيروسات، مما يزيد من تفشي الأمراض مثل الإسهال والتهابات الجلد والربو وحتى الامراض المعدية والمزمنة. كما قد ينتج من حرقها مواد سامة تلطّخ الهواء وتسبب مشكلات تنفسية وصحية أخرى للمواطنين”.
وأردف المصدر “ليس خافيا على المسؤولين ان التلوث البصري والبيئي ينشأ نتيجة تكدسات الزبالة، حيث تتسرب المواد الكيميائية الضارة منها إلى التربة والمياه الجوفية، مما يؤثر في الحياة النباتية والحيوانية، كما يعوق تكومها أيضا عملية “الرسكلة” أي تحويلها واستعمالها في صناعات أخرى، مما يضاعف من الضغط على الموارد الطبيعية”.
الوزارات المعنية غير مهتمة!
وفي الإطار، أوضح مصدر سياسي متابع لملف النفايات ان “لوزارة الأشغال العامة والنقل دورا أساسيا في تنظيف الطرقات وترقيعها وتعقيم مجاري الصرف الصحي، ورش مبيدات الآفات للحفاظ على النظافة العامة والحد من ذيوع الحشرات والحيوانات الضارة، بما في ذلك إزالة النفايات والأتربة والأوساخ، على ان تنفّذ هذه المهام بشكل متواصل. كما تتولّى القيام بأعمال الصيانة وإصلاح الأضرار التي قد تحدث نتيجة للظروف الجوية أو حوادث المرور”.
واستكمل “اما بالنسبة لوزارة البيئة فيقع على عاتقها إدارة وتنظيم وجمع وتخليص النفايات بالتعاون مع البلديات والهيئات المعنية. ومن وظيفتها أيضا وضع السياسات والتشريعات اللازمة للحد من الملوثات وحماية الطبيعة. كما تقوم برصد جودة الهواء والمياه والتربة للتأكد من توافقها مع المعايير البيئية الدولية، وتشارك في جهود تنظيف الشواطئ والمناطق البحرية من المهملات”.
الشِرْكة معدومة!
وكشف المصدر عن “ان التعاون بين الوزارتين في هذا المجال غير موجود، وبالتالي لا تعملان معا على تنسيق الجهود وتبادل المعلومات وتحديد المناطق ذات الأولوية للتدخل، بغية تحقيق أقصى قدر من الفعالية في إدارة النفايات، وتخفيف المهلكات الناجمة عن تكدّسها”.
تأخير وعرقلة
وختم المصدر قائلا: “تطغى المحاصصات السياسية على العديد من القضايا الحيوية والاقتصادية، مما يؤدي إلى تعقيد عمليات اتخاذ القرار وتسويف الحلول الفعالة لمشكلات مثل إدارة النفايات، مما يتسبب بتفاقم الازمة، وبخاصة أننا على أبواب افتتاح موسم السياحة والاصطياف.
الجدير بالذكر، ان هذا الملف يشكل عبئا كبيرا على الموازنة العامة، حيث يحتاج إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية والمعدات والتكنولوجيا. وبالرغم من ذلك، تأمين الأصول الرأسمالية ضروري لتحسين هذا القطاع والحد من التلوث البيئي والصحي”.