جعجع: لولا الصراع المرير الذي خاضه الشيخ بشير داخل حزب “الكتائب” لما كان هناك قوات لبنانيّة
أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن “كوادر القوات اللبنانية، كما جميع اللبنانيين، عاشوا في 14 أيلول 1982 لحظات عصيبة بعد الانفجار الذي هز بيت الكتائب في الاشرفية، ولم تصل إليهم المعلومات عن المستهدف ولا عن الشهداء الذين سقطوا فوراً، إلا بعد فترة زمنية حين جرت إتصالات بين أجهزة القوات المنتشرة في المناطق، ولا سيّما أن وسائل التواصل الإجتماعي لم تكن كما هي اليوم”. وقال في اطلالة له ضمن برنامج “نقطة تحوّل” مع الإعلاميّة نبيلة عوّاد عبر الـ”mtv”: ” كنت آنذاك مسؤولاً عن منطقة الشمال في القوات وكانت المسافة طويلة، إذ كنت في دير القطارة، والظروف تختلف عن اليوم إذ لم يكن هناك تلفزيونات ووسائل تواصل إجتماعي، أبلغوني من غرفة اللاسلكي، إذ في كل ثكنة كان هناك ما يسمونه غرفة إشارة، بحدوث إنفجار كبير في بيت الكتائب في الأشرفيّة، وأن من المحتمل أن يكون الشيخ بشير في الإجتماع.
وأضاف: “توجهت مباشرة إلى غرفة الإشارة محاولاً استطلاع الوضع، فاكتشفت عدم تمكنّي من معرفة شيء، صعدت الى السيارة وتوجهت من القطارة إلى المجلس الحربي، بمسافة ساعة أو ساعة وربع الساعة. عند وصولي إلى المجلس الحربي، وكثيرون لا يعرفونه اليوم ، وجدت ساحته الكبيرة جداً مليئة بالناس .
توجهت ونظرت الى مكتب الشيخ بشير، فكان فيه الشيخ بيار الجد، رحمه الله، ومعه مجموعة من الشخصيات السياسيّة. عندها أيقنت أن الحادث كبير، وحتى تلك الساعة لم اكن أعرف حقيقة ما حصل ، كل ما كنت اعرف هو وقوع إنفجار في بيت الكتائب في الأشرفيّة وغير واضح إن كان الشيخ بشير هناك أم لا. عندها عدت وتوجهت الى الساحة.
وقال جعجع: “بعدها وصل رفيقنا أسعد سعيد وكان في العمليات في المجلس الحربي، وهو من أوائل الذين خرجوا بعد وقوع الإنفجار.
اقتربت منه وأردت أن اسأله لأنه كان في الأشرفيّة ولا بد أن لديه معلومات دقيقة، لم يجب في البداية ثم نظرت الى وجهه وكانت المرة الاولى التي يحادثني أحد من دون أن يفتح فمه، سمعت كلاماً لكنني لم أراه يحرّك شفتيه أو يفتح فمه، وقال لي “مات الشيخ بشير”. أما وضع أسعد سعيد في هذه اللحظة فكان يعبّر عن الجو الذي كنا جميعا فيه.”
تابع “عندها أيقنت الحقيقة لأن أسعد قالها طبعاً، في الساحة كان هناك الكثير من الأقاويل، “كانوا عم يتحذّروا وكل ساعة يجي حدا من الأشرفيّة”، حضرت إمرأة وقالت إنها رأت الشيخ بشير منذ قليل وهو مجروح بيده، وآخر قال إن الشيخ بشير لم يأت الى الإجتماع، لكن أسعد سعيد قال لي ما قاله، وسألته إذا كان متأكداً فأجاب “نعم رأيت ساعته وتوجهت إلى المستشفى وتأكّدت”، وهكذا عرفت ان الشيخ بشير استشهد.”
ويرى جعجع أنه “على الصعيد الوطني العام، العسكري والسياسي، كانت عملية اغتيال بشير، نقطة تحوّل، وتركت تداعياتها على مسار الحرب ونتائجها، حتى إنها قلبت الأمور رأساً على عقب في الداخل اللبناني، كما ساهمت في كسر ميزان القوى لمصلحة الفريق الآخر في لبنان ولمصلحة المشروع السوري بإخضاع لبنان”.
جعجع الذي أكد أن “اغتيال بشير لا يشبه أي اغتيال آخر، فالأحداث كانت ذاهبة باتجاه معين وتحوّلت بعد ذلك إلى اتجاه آخر تماماً، أي 180 درجة بشكل معاكس ، شدّد على أن اغتيال بشير ” شكّل نقطة تحول على المستويات كافة، من رئاسة الجمهوريّة، إلى مصير اللبنانيين ، الى السلطة الوطنيّة في لبنان، الى المسيحيين ، وصولا إلى مستوى القوات اللبنانيّة.”
ويعطي جعجع مثالاً على نقطة التحول فيقول” انه في تلك المرحلة، شئنا أم أبينا، إذا أحببنا بشير الجميّل أو لم نحبه، من كان يمثّل فعلياً السلطة الوطنيّة اللبنانيّة كان بشير الجميّل، ومن كان يحارب السلطة الوطنيّة اللبنانيّة هو نظام حافظ الأسد، وبالتالي الى هذا الحد كانت نقطة تحوّل بكل معنى الكلمة. ففي غياب الشيخ بشير فُقدت العقبة الأساسيّة في وجه سيطرة نظام حافظ الأسد على لبنان.”
وأردف “مع احترامي لجميع الشخصيات التي كانت موجودة في تلك المرحلة، بشير الجميّل هو من كان يجسّد الإرادة الوطنيّة اللبنانيّة، بوجه محاولات حافظ الأسد للسيطرة على الوضع في لبنان. فبشير كان يصدّ تلك المحاولات. بعده، تسلّم الشيخ أمين الجميل رئاسة الجمهوريّة، وحاول ما استطاع، واستمر الوضع الى حين تسلّم “الطيّب الذكر” الجنرال ميشال عون السلطة، فاستطاعوا بشكل أو بآخر وضع يدهم على المنطقة الحرّة في لبنان.”
ويفنّد جعجع تأثير اغتيال بشير داخل البيت القواتي، قائلاً: “ترك استشهاد القائد بشير الجميل، تداعيات كبيرة، فعاشت القوات التي أسسها، بعد رحيله، انتكاسة معنوية أوّلاً، قبل ان تعود وتستجمع قواها. كما شهدنا مواجهات بين التنظيمات التي جمعها بشير تحت كنف “القوات اللبنانية”. وأضاف ” ميدانياً، بقيت الأمور كما هي بشكلها المادي، المجموعات التي على الجبهات بقيت على الجبهات والتي في الثكنات بقيت في الثكنات، لكن الأمور تختلف مع روح أو من دونها. صحيح ظلّ انتشارنا نفسه وبقينا موجودين كقوات لبنانيّة لكن طبعاً بلا روح