مدراء شركة نيسان تهرّبوا من دعوى كارلوس غصن

يبدو ان إحقاق الحق يخيف حتى أكبر مدراء الشركات العالمية، مثل مدراء شركة نيسان، الشركة الأكثر مبيعاً للسيارات في العالم.

القصّة بدأت بشكل مفاجئ، بينما كان رئيس مجلس إدارة الشركة اليابانية العملاقة عائداً الى طوكيو، أُلقي القبض عليه في المطار، وبدأت رحلة العذاب.. إذ وُضع في سجن إفرادي، في أصغر غرفة يمكن للانسان أن يعيش فيها، وحُرِم حتى من الحد الأدنى للراحة والحياة الطبيعية، أي كانوا يبقون الأضواء مضاءة ليلاً ونهاراً كي لا ينام.. طبعاً لن نتحدث عن الاكل السيّئ، وأستغفر الله، ولا عن منعه من مشاهدة أحد.

والغريب العجيب أنّ التهم الموجهة لرئيس مجلس الادارة أقل ما يُقال فيها إنّها تضحك وتبكي بالفعل، وقبل أن نستعرض بعض التهم لا بدّ من أن نذكر أنه عندما تسلم الاستاذ كارلوس غصن رئاسة مجلس إدارة الشركة اليابانية كانت الشركة واقعة تحت عبء ديون قيمتها تتخطى الـ30 مليار دولار، وكثير من المدراء في العالم استغربوا كيف يمكن لإنسان ناجح ومدير عام ورئيس شركة رينو للسيارات الفرنسية القبول بتسلم إدارة شركة مفلسة في اليابان.

اما التهم الموجهة الى كارلوس غصن فأنا أختصرها بما يلي:

أولاً: صرف عدد من العمّال.

ثانياً: إلغاء كثير من المناصب.

ثالثاً: اختصار المعاملات.

وأهم تهمة هي فعلاً مضحكة وهي: تغريمه لعدم دفع ضرائب على تعويضات نهاية الخدمة التي لم يتسلمها بعد..

على كل حال، مشكلة الاستاذ كارلوس غصن ليست قضائية، ولا مسألة حقوق، بل هي مشكلة للذين يعرفون عقلية وذهن الشعب الياباني، هذه العقلية التي تتلخص في كيفية وجود قدرة ومعرفة ودراية لمدير عام أجنبي استطاع بها أن يتغلب على المدراء اليابانيين الذين أغرقوا الشركة بـ30 ملياراً من الديون وكيف..؟ إنّ هذا الاجنبي نجح في وقت فشل كل المدراء الآخرون الذين تولوا مهام الشركة.. حتى ان فشلهم كبّد الشركة خسائر وصلت الى حدود الـ30 ملياراً… وكيف أنّ هذا المدير الاجنبي استطاع أن يسدّد الـ30 مليار دولار في مدّة 3 سنوات… أما النقطة الثانية المهمة، فهي كيف أنه وعندما أُلقي القبض عليه ترك فائضاً في الشركة وصل الى الـ30 ملياراً، هذا النجاح غير المسبوق، جعل المدراء اليابانيين يستعملون كل أساليب المؤامرات للإطاحة بالمدير الناجح.

مشكلة المدير الناجح هذا انه دفع ثمن نجاحه،  والقرار التاريخي والجريء الذي اتخذه بالهرب من اليابان، لا بسبب الدعوى المقامة ضدّه فقط، بل للمعاملة غير الانسانية التي تعرّض لها والقرار الذي اتخذه، لا يتخذه إلاّ إنسان وصل الى مرحلة اليأس.

على كل حال، هناك دعوى أقامها الاستاذ كارلوس غصن على مدراء شركة نيسان في اليابان، وتم فيها اتخاذ كل الاجراءات القانونية، وهذا ما جاء في الدعوى:

“ضمن إطار التحقيق القضائي المفتوح استناداً للدعوى الجزائية المقدمة من كارلوس غصن أمام النيابة العامة التمييزية في 18 أيار 2023 ضد نيسان و14 شخصًا، بجرائم تأليف جمعية أشرار بقصد ارتكاب جنايات على الناس (المادة 335 عقوبات) واختلاق أدلة مادية على وقوع جرائم جزائية (المادة 403 عقوبات) وتقديم شهادة كاذبة أمام سلطة قضائية (المادة 408 عقوبات) والحرمان من الحرية بوسائل غير الخطف (المادة 569 عقوبات) وخرق حرمة المنزل بواسطة عدة اشخاص مجتمعين (المادة 571 عقوبات) والسرقة من الأماكن المقفلة بالجدران بعد الدخول إليها بالحيلة (المادة 639 عقوبات) والولوج إلى نظام معلوماتي والمكوث فيه وإلغاء بيانات رقمية ونسخها وتعديلها (المادة 110 من قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي) وإفشاء الأسرار من دون سبب مشروع (المادة 579 عقوبات) واعتراض رسائل الكترونية واستنساخها والاحتفاظ بها او إفشاء المعلومات الواردة فيها. (المادة 17 من القانون رقم 140 الرامي الى صون الحق بسرية المخابرات التي تجرى بواسطة أي وسيلة من وسائل الاتصال) والقدح والذم والتشهير (المواد 582 و584 عقوبات). بدأ المكتب المركزي للمباحث الجنائية أولى جلسات استماع المشتبه بهم يوم الاثنين 18 ايلول 2023.

وقد تغيّبت شركة نيسان ومدراؤها ومستخدموها المشتبه فيهم عن حضور الجلسة رغم تبلّغهم موعدها منذ أكثر من شهرين، رغم ان شركة نيسان كانت قد أعلنت سابقاً، لمساهميها ولوسائل الإعلام أنها غير قادرة على الاجابة عن أسئلتهم حول الشكوى الجزائية المذكورة، بسبب عدم معرفتهم بمضمونها.

ويشكل هذا التغيّب غير المشروع دليلاً على ازدراء شركة نيسان لنظام العدالة الذي لا يتضمن إمكانية الإقرار بالجرم لقاء عقوبة مخفضة كما هو الحال في اليابان فضلاً عن ذلك فإنّ هذا التغيّب يكشف عن تصميمهم على طمس حقيقة أفعالهم الجرمية.

إنّ فريق الدفاع عن كارلوس غصن يستهجن هذا التغيّب الذي يتعارض مع مصالح مساهمي شركة نيسان وموظفيها، فلهؤلاء كل الحق تماماً ككارلوس غصن والرأي العام، في معرفة حقيقة الافعال التي أدت إلى اعتقال السيد غصن في نهاية العام 2019 في اليابان بعد توجيه تهم جزائية إليه”.

لمتابعة أحدث وأهم الأخبار عبر مجموعتنا على واتساب - اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى